سارعت كل دول العالم لإجلاء رعاياها من السودان، في أعقاب إندلاع الأزمة بين الجيش النظامي وقوات الدعم السريع، فيما سارع آلاف من أهل السودان إلى البحث عن مكان آمن خارج بلادهم، خصوصا من سكان الخرطوم وضواحيها.
ولا شك أن خوف الدول على رعاياها هو حق مشروع في حرب لا يعرف مداها أحد، وإلى أين ستمتد ولا يعرف أحد متى ستنتهي في ظل ضباية الموقف، وتوالت النداءات الدولية بمنح دول العالم فرصة من خلال هدنة "متكررة" لإجلاء رعاياها من مناطق النزاعات، وإلى خارج أراضي السودان بالكامل.
ولكن في المقابل شهدنا حالة صمت في الأيام الماضية فيما يتعلق بالدفع نحو وقف هذا الصراع الدموي من أجل السلطة، وانتابني شعور بأن الأراضي السودانية تتهيأ لمعارك ممتدة، ولصراع بين طرفين عسكريين، ووسط تمويلات لا يمكن الحسم من أي تأتي، إلا أن هناك من يدعم هذا الإنشقاق السوداني – السوداني، والذي سيطيح بمستقبل بلد وأجيال، ودولة وشعب، وربما تدخل في حروب تمتد إليها أيادٍ من الخارج للعبث بها.
ولكن السؤال المهم، بعد أن تطمئن دول العالم المختلفة على رعاياها في السودان، .. ماذا سيحدث وإلى أين تتجه الأمور؟، وما هو المستقبل المنظور للصراع على "السلطة" في السودان؟ وكثير من الأسئلة عن التحرك الفعلي ومن كل الأطراف الدولية والإقليمية لتلافي حرب وصراع لا معني له؟ ومتى تخرج أصابع الدخلاء في السودان؟ ليتركوه لأهله.
هذا الأسئلة وغيرها، لابد من توفير إجابات عليها، وإن كانت بعضها سيظل دون إجابة، طالما هناك مصالح خارجية لما يجري في السودان والدفع بالصراع إلى أقصى مدى، ولا يمكن أن يتبرأ أحد من الدور الذي يقوم به، فالسودان بلد فقير – رغم موارده الكبيرة - ولا يمكن إنكار ذلك، وبالتالي يأتي السؤال المهم .. من أين تأتي التمويلات والأسلحة لأطراف ليست لها علاقات دولية رسمية، وعلاقاتها تنحصر في استغلالها والدفع بها لتدمير السودان، ومزيد من الفوضى، وخلق توتر في المنطقة كلها.
العالم والإقليم مطالب بتحرك سريع من الآن، خصوصا أن عمليات الإجلاء في مراحلها الأخيرة، ولابد من الضغط وبكل الوسائل على أطراف الصراع العسكري - العسكري، من أجل الجلوس على مائدة المفاوضات، مع هدنة طويلة، حتى يتم التوصل إلى حلول تحمي السودان وناسه.
ما نشاهده ونلمسه أن السودان يتم تفريغه بشريا بعمليات تهجير أو هجرة قسرية، تم فرضا فرضا على السودانيين ليخرجوا من بلادهم قسرا، تاركين أعمالهم وبيوتهم وأرضهم وزرعهم وتجارتهم، تحت الخوف والرعب من حرب يستخدم فيها طرفا الصراع الأسلحة الثقيلة والطائرات، بحثا عن السلطة، وتجارب الدول التي تم تدميرها بفعل فاعل أمامهم، فلا حياة دون أمن واستقرار.
الغريب في الأمر أن يخرج علينا عشاق الدم والحرب في السودان، ويقولون لشعب السودان "نحن آسفون" فالحرب فُرضت علينا فرضا؟! .. ولكن كيف ذلك؟، فليس هناك عدو خارجي، بل هناك عداء داخلي سعى إليه المتنازعون، دون أدنى مسؤولية عن وطن يتهدده الضياع والانهيار، وشعب يدخل مرحلة التهجير وتفريغ البلاد من مواطنيها، ليحكم هؤلاء الطامعون في الحكم أنفسهم فقط في النهاية ويستلموا دولة خربة في النهاية.
ولا يمكن أن يظل العالم صامتا إلى ما لا نهاية.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري